
في ظل الارتفاع المتواصل لدرجات الحرارة خلال فصل الصيف، تزداد التحديات التي تواجه مستعملي الطريق، وخاصة السائقين الذين يمضون وقتا طويلا وراء المقود، حيث أن موجات الحر، التي أصبحت أكثر حدة وتكرارا بفعل التغيرات المناخية، تؤثر بشكل مباشر على التركيز، وتضعف القدرة الجسدية والنفسية على التحمل، مما يرفع من احتمال وقوع حوادث ناتجة عن الإرهاق أو أعطاب مفاجئة بالمركبة.
في هذا السياق، لا يكفي امتلاك مركبة سليمة وتقنيات سياقة جيدة، بل يجب مواكبة هذه المعطيات المناخية عبر سلوكيات وقائية واعية، تمكن من التفاعل مع المحيط الطرقي في ظروف آمنة.
الحرارة وتأثيرها على السائق والمركبة
تعد درجات الحرارة المرتفعة عامل ضغط نفسي وجسدي على السائق، خاصة داخل المركبات غير المزودة بأنظمة تبريد فعالة، حيث في هذه الظروف، يسجل تراجع تدريجي في التركيز، وارتفاع في مستوى التوتر والإرهاق، ما ينعكس بشكل مباشر على ردود الفعل، وعلى جودة اتخاذ القرار أثناء السياقة.
إلى جانب ذلك، تؤثر الحرارة على المركبة ذاتها، إذ أن نظام التبريد يصبح تحت ضغط كبير، كما أن ضغط الإطارات يرتفع بشكل ملحوظ، وقد يفقد فعاليته إذا لم تتم المراقبة التقنية اللازمة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تزايد استهلاك الزيوت والسوائل الأساسية بشكل أسرع يمكن أن يؤدي إلى اختلالات ميكانيكية أو أعطال مفاجئة، خاصة في الرحلات الطويلة أو عند استعمال الطريق السيار.
من جانب آخر، فإن ارتفاع الحرارة يزيد من احتمال فقدان السائق لليقظة، خاصة في الحالات التي لا يتم فيها أخذ فترات راحة كافية، خاصة أن الإجهاد الحراري، المصحوب بجفاف الجسم وقلة النوم، يشكل ثلاثيا خطيرا قد يؤدي إلى ردود فعل بطيئة، أو حتى إلى فقدان مؤقت للانتباه في لحظات حاسمة.
تدابير وقائية لسياقة آمنة
في مواجهة هذه التحديات، هناك حزمة من الإجراءات البسيطة لكنها فعالة، لضمان سلامة السائقين والركاب.
في المقام الأول، يفضل برمجة التنقلات في الساعات الأولى من النهار أو بعد غروب الشمس، وتفادي السياقة بين منتصف النهار ، وهي الفترة التي تبلغ فيها الحرارة ذروتها. وإذا اقتضت الضرورة السياقة في هذه الأوقات، ينصح بتهوية المركبة قبل تشغيل المكيف، لتقليل الحرارة المرتفعة الناتجة عن التعرض للشمس، مما يساهم في إخراج الهواء الساخن بسرعة وتحسين أداء المكيف وتخفيف الضغط عليه.
كما يجب الحرص على فحص المركبة بانتظام، خصوصا نظام التبريد، ضغط العجلات، وزيت المحرك، لأن المراقبة التقنية تعد الضامن الأول للحد من الأعطال المرتبطة بالحرارة.
ويستحسن كذلك تفقد مكيف الهواء والتأكد من كفاءته، لأنه يساهم في توازن الحرارة داخل السيارة ويحمي السائق من الإجهاد.
وخلال الرحلات الطويلة، ينبغي التوقف للراحة كل ساعتين على الأقل، من أجل استعادة التركيز وتجديد النشاط.
ومن الجوانب التي لا يجب التغاضي عنها، عدم ترك الأطفال أو الحيوانات الأليفة داخل السيارة، حتى ولو لفترة قصيرة، لأن الحرارة داخل المركبة المغلقة قد ترتفع في دقائق معدودة إلى مستويات تهدد الحياة.