
تعد السرعة المفرطة من أبرز الأسباب المؤدية إلى حوادث السير الخطيرة، سواء داخل المجال الحضري أو خارجه. فكلما زادت السرعة، تقلصت قدرة السائق على التحكم في المركبة وعلى اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
كما أن نتائج الحوادث الناتجة عن السرعة تكون غالبا أكثر مأساوية، نظرا لشدة الاصطدام وانعدام فرص تفادي الخطر.
السرعة وآثارها على التحكم في المركبة ومسافة الأمان
عند القيادة بسرعة مرتفعة، يحتاج السائق إلى وقت أطول للفرملة والتوقف، مما يقلص مسافة الأمان الضرورية لتفادي الاصطدام. إذ تشير الدراسات العلمية إلى أن مسافة التوقف تتكون من مسافة رد الفعل ومسافة الفرملة، وكلما ارتفعت السرعة، زادت هذه المسافة بشكل كبير. فعند السير بسرعة 50 كم/س، يحتاج السائق تقريبًا 28 مترًا للتوقف الكامل، بينما تزيد هذه المسافة إلى أكثر من 70 مترًا عند السير بسرعة 90 كم/س. فثانية واحدة من التردد أو التأخر في رد الفعل قد تكون كافية لتحويل وضع عادي إلى حادث مأساوي.
بالإضافة إلى ذلك، تؤدي السرعة المفرطة إلى فقدان السيطرة على المركبة، خاصة في المنعطفات أو عند تغيير الاتجاه المفاجئ. حيث تتأثر القدرة على المناورة والتوجيه الدقيق، ويصبح من الصعب المحافظة على مسار السيارة، مما يعرض المركبة للانزلاق الجانبي أو الدوران غير المقصود، وهو ما قد يؤدي إلى اصطدام مع حاجز الطريق أو مركبات أخرى.
عند القيادة بسرعات عالية، يضيق مجال البصري للسائق بشكل كبير وتضعف قدرته على اكتشاف الأشياء على جانب الطريق، حيث تقل قدرته على إدراك المحيط، ويصبح انتباهه مركزًا فقط في مركز الطريق، بينما تتجاهل العين التفاصيل الجانبية مثل الراجلين و الدراجين أو العقبات الصغيرة. كما تقل قدرة السائق على تقدير المسافة والمسار بدقة، ويصبح من الصعب الحفاظ على مسافة آمنة مع المركبات الأخرى، خاصة في الطرق المزدحمة أو المبتلة.
حيث تشير الدراسات العلمية إلى أن مجال الرؤية يقل بشكل كبير مع زيادة السرعة؛ فعلى سبيل المثال، يكون مجال الرؤية حوالي 120 درجة عند السير بسرعة 30 كم/س، لكنه يتقلص ليصبح نحو 30 درجة فقط عند سرعة 130 كم/س. كما أن السرعة العالية تسبب الإجهاد وتقليل التركيز وصعوبة تمييز التفاصيل على الطريق. ومن الناحية الواقعية، فإن أي حادث يحدث بسرعة 70 كم/س يكون غالبًا مميتًا للراجلين نتيجة قوة الاصطدام الكبيرة.
القيادة المسؤولة واحترام السرعة المحددة
من المعلوم أن الالتزام بالسرعة المحددة قانونا لا يعني فقط تجنب الغرامات، بل هو تعبير عن الوعي والمسؤولية تجاه النفس والآخرين. لذلك، ينصح السائقون بمراقبة عداد السرعة بانتظام، وتكييفها مع طبيعة الطريق وحالة الطقس وكثافة المرور.
كما ينبغي الحفاظ على مسافة أمان كافية مع المركبات الأخرى، وعدم محاولة تجاوزها في الأماكن الخطيرة أو عند المنعطفات. إلى جانب ذلك، يجب استعمال مؤشرات تغيير الاتجاه (الانعطاف) بشكل مسبق عند تغيير المسار أو التجاوز، لتنبيه باقي مستعملي الطريق وتفادي أي ارتباك أو تصادم محتمل.
من جهة أخرى، يمكن اعتماد سلوكيات بسيطة تساهم في تجنب السرعة المفرطة، مثل الانطلاق باكرا لتفادي الضغط الزمني، وضبط السرعة عبر أنظمة المراقبة الإلكترونية في المركبات الحديثة. كما أن التوعية الدائمة داخل الأسرة، وفي الوسط المهني والتعليمي، تساعد على نشر ثقافة احترام قانون السير، وتعزيز الوعي الجماعي بأهمية السياقة الآمنة.
السياقة بسرعة مفرطة لا تعني فقط السياقة فوق الحد الأقصى المسموح به وعدم احترام علامات تحديد السرعة، بل يشمل أيضا عدم تكييف السرعة عندما تتطلب الظروف تخفيفها.لذا على جميع السائقين اعتماد مبدأ السياقة الهادئة والمسؤولة، التي تراعي حقوق الراجلين، وراكبي الدراجات، وباقي الفئات عديمة الحماية، ويسهم في تعزيز ثقافة الوقاية والالتزام بقواعد السير.
