
تشكل الدراجات الثلاثية العجلات، أو ما يعرف بـ »التريبورتور »، وسيلة نقل منتشرة في العديد من المدن والقرى المغربية، بفضل تكلفتها المنخفضة وقدرتها على نقل البضائع في المسافات القصيرة. غير أن هذه المركبات، التي صممت أساسا للنقل المهني للبضائع، تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى وسيلة « بديلة » لنقل الأشخاص، وهو استعمال غير قانوني أثبتت التجارب الميدانية خطورته البالغة على السلامة الطرقية.
في هذا المقال، سنتطرق إلى دواعي قرار الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، وكذا بعض الإجراءات المواكبة والتدابير الوقائية المعتمدة للحد من المخاطر المرتبطة باستعمال الدراجات الثلاثية العجلات.
دواعي القرار وخطورة الظاهرة
سجلت مصالح الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية عدة حوادث مميتة كان التريبورتور طرفا فيها، كان آخرها حادث مأساوي بإقليم قلعة السراغنة، أسفر عن مصرع ثمانية ركاب، بعد انقلاب مركبة معدلة ومهيأة بشكل غير قانوني لنقل الأشخاص. هذه المأساة وغيرها من الحوادث دفعت الوكالة إلى اتخاذ قرار صارم يقضي بمنع نقل الركاب على متن هذه المركبات، حفاظا على الأرواح وتقليصًا لمصادر الخطر على الطريق.
وأوضح المدير العام للوكالة، السيد بناصر بولعجول، أن هذا القرار جاء استجابة لخطورة هذه الوسيلة المعدلة، مشيرا إلى أن التريبورتور يتعرض غالبا لتغييرات تشمل إضافة مقاعد، أو إدخال تعديلات في الهيكل، أو زيادة الحمولة بشكل يفوق قدرته الأصلية، وهي ممارسات تجعل المركبة غير آمنة على الإطلاق.
وأضاف أن غياب أي تجهيزات وقائية أساسية داخل هذه المركبات، مثل أحزمة السلامة أو هياكل الحماية، يزيد من هشاشة الركاب في حالة وقوع اصطدام أو انقلاب.
إجراءات مواكبة وتدابير وقائية
إلى جانب قرار المنع، اعتمدت نارسا تدابير عملية لتقوية المراقبة وضبط الاستعمال، حيث في هذا الإطار، تم فرض المراقبة التقنية الإجبارية على جميع مركبات التريبورتور، بهدف رصد التعديلات غير القانونية التي أُدخلت عليها، والتأكد من مطابقتها لوظيفتها الأصلية.
هذه المراقبة ستمكّن من منع استمرار تحويل التريبورتور إلى وسيلة لنقل الركاب، وإرجاعها إلى الغرض الذي أنشئت من أجله، أي نقل البضائع في ظروف مهنية وآمنة.
كما شددت الوكالة على أن هذا القرار ليس إجراء معزولا، بل يدخل ضمن استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى حماية مستعملي الطريق، خاصة الفئات عديمة الحماية التي تعد الأكثر عرضة للخطر، مؤكدة أن استعمال التريبورتور لنقل الأشخاص لا يمثل فقط خرقا للقانون، وإنما تهديدا مباشرا لحياة الركاب أنفسهم، وللسائق، وللسائقين الآخرين الذين يتقاسمون الطريق.
بناء على ذلك، فإن هذا القرار يشكل محطة هامة في مسار تعزيز السلامة الطرقية بالمغرب. فهو يعكس حرص المؤسسات الوصية على مواجهة مظاهر الاستعمال غير القانوني للمركبات، وضبط السلوكيات التي تهدد حياة المواطنين.
ومن هذا المنطلق، فإن الالتزام بهذا القرار، من طرف السائقين والمهنيين والمواطنين على حد سواء، يعد مساهمة مباشرة في حماية الأرواح وضمان انسيابية حركة السير.