
تشكل الدراجات ثنائية العجلات بمحرك جزءا أساسيا من حركة السير داخل المدن، غير أن هذه الفئة تظل من أكثر مستعملي الطريق تعرضا للمخاطر، بالنظر إلى ضعف الحماية الجسدية وصغر حجم المركبة، حيث أن الدراجة لا توفر غطاء يحمي الأعضاء الحيوية، مما يجعل الرأس والصدر والأطراف عرضة لإصابات خطيرة عند أدنى تصادم.
وتؤكد التقارير الدولية والوطنية، بما فيها تقارير منظمة الصحة العالمية والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، أن راكبي الدراجات النارية يعدون من بين الفئات عديمة الحماية الأكثر تضررا في حوادث السير، مقارنة بسائقي السيارات، ويرتبط ذلك بالطبيعة المفتوحة لهذه المركبات، إلى جانب محدودية تجهيزات السلامة المستعملة في عدد كبير من الحالات.
إلى جانب ضعف الحماية، يساهم صغر حجم الدراجة في تقليص وضوحها داخل الفضاء الطرقي، خاصة عند وجودها في الزوايا الميتة للمركبات أو أثناء فترات الازدحام، ما يجعل اكتشافها من طرف سائقي السيارات أكثر صعوبة، ويرفع من احتمال وقوع تصادمات مفاجئة.
تحديات الرؤية والمخاطر المرتبطة بها
تمثل رؤية الدراجات تحديا حقيقيا داخل الفضاء الطرقي، خصوصا خلال الفترات الليلية أو في الظروف الجوية الصعبة التي تقل فيها القدرة على التمييز.
ويؤدي ضعف الاضاءة الامامية والخلفية، أو غياب ملابس فاتحة اللون أو عاكسة للضوء، إلى تقليص إمكانية اكتشاف الدراجة من قبل مستعملي الطريق الاخرين، مما يزيد من خطر الحوادث.
كما تلعب الظروف الجوية الصعبة، مثل التساقطات المطرية والطرق الزلقة، دورا إضافيا في رفع مستويات الخطر، نتيجة ارتفاع مسافة الفرملة واحتمال الانزلاق، ما يجعل التحكم في الدراجة أكثر صعوبة، ويؤثر على قدرة السائقين على تقدير سرعتها أو رؤيتها في الوقت المناسب.
وتبرز إحصائيات سنة 2024 خطورة هذه الوضعيات بشكل واضح، حيث تشير معطيات الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية إلى أن وفيات مستعملي الدراجات ثنائية وثلاثية العجلات ما تزال تمثل إحدى أكبر فئات القتلى في حوادث السير، حيث سجلت سنة 2024 استمرار الاتجاه التصاعدي لهذه الفئة، سواء من حيث عدد الوفيات أو من حيث نسبتهم ضمن مجموع قتلى حوادث السير.
سلوك مستعملي الطريق ومسؤولية الجميع
إلى جانب العوامل التقنية والبيئية، تساهم بعض السلوكيات الخطرة في رفع مخاطر الحوادث، من بينها عدم استعمال مؤشرات تغيير الاتجاه، والتسلل بين المركبات أثناء الازدحام، والتجاوز دون احترام مسافة الأمان الكافية.
كما أن غياب الانتباه للزوايا الميتة، سواء من طرف سائقي الدراجات أو سائقي السيارات، يشكل سببا رئيسيا في عدد من الاصطدامات الخطيرة.
في هذا السياق، يتحمل كل من مستعملي الدراجات وسائقي المركبات الاخرى مسؤولية مشتركة في الوقاية من الحوادث، خاصة خلال تغيير الاتجاه أو المنعطفات، حيث يتطلب الوضع يقظة مضاعفة واحتراما صارما لقواعد السير.
تدابير عملية لتعزيز السلامة والحد من الحوادث
يظل اعتماد تجهيزات السلامة من أنجع الوسائل لحماية مستعملي الدراجات، إذ أن الخوذة الواقية تشكل عنصرا أساسيا، حيث تقلل من الإصابات الخطيرة والمميتة على مستوى الرأس بنسبة تتراوح بين 20% و45%.
كما تسهم الملابس العاكسة للضوء في تسهيل رؤية الدراجة، خاصة خلال الليل أو عند انخفاض مستوى الرؤية.
إلى جانب ذلك، تعد الصيانة الدورية للأضواء الامامية والخلفية، وتركيب عاكسات إضافية على الجوانب والخلف، من الإجراءات البسيطة التي تعزز وضوح الدراجة أمام السائقين الاخرين، وتقلل من مخاطر الاصطدام.
كما ينصح سائقي السيارات بمراقبة المرايا باستمرار، واحترام مسافة كافية عند تجاوز الدراجات، مع تقدير سرعتها بشكل صحيح، خاصة في الظروف الجوية الصعبة.
وعلى المستوى السلوكي، يعد استعمال المؤشرات عند تغيير الاتجاه، واحترام مسافة الأمان، وتجنب التسلل بين المركبات من الإجراءات الأساسية للوقاية من الحوادث، كما ينصح السائقون الآخرون بمراقبة المرايا باستمرار والانتباه إلى الزوايا الميتة، وترك مسافة كافية عند تجاوز الدراجات، لتفادي المواقف الخطرة التي قد تؤدي إلى تصادمات.
اعتماد هذه التدابير، سواء التجهيزات التقنية أو السلوكيات الآمنة، يمثل عنصرا جوهريا في الحد من المخاطر وضمان تنقل آمن لجميع مستعملي الطريق، خصوصا الفئات عديمة الحماية مثل راكبي الدراجات.
