Press ESC to close

السياقة تحت تأثير الكحول: سلوك محفوف بالمخاطر وعواقب وخيمة

تشكلّ السياقة تحت تأثير الكحول أحد الأسباب الرئيسية لحوادث السير القاتلة. فالكحول يؤثر مباشرة على قدرات السائق الذهنية والحركية، مما يزيد احتمال وقوع الحوادث بشكل كبير حتى عند تناول جرعات صغيرة.

تأثير الكحول على السائق والمخاطر المرتبطة به

تُعدّ السياقة تحت تأثير الكحول من بين أهم الأسباب المؤدية إلى حوادث السير الخطيرة، إذ تشير الدراسات إلى أن مخاطرها تبدأ حتى عند مستويات منخفضة من الكحول في الدم.

فمن الناحية العلمية، يؤثر الكحول بشكل مباشر على الدماغ والجهاز العصبي، حيث يبطّئ معالجة المعلومات، ويقلّل التركيز، ويطيل من زمن ردّ الفعل حتى بعد تناول كميات قليلة.

كما يضعف التنسيق الحركي لدى السائق بشكل واضح، ويجعل السيطرة على المركبة أصعب خاصة في الحالات الطارئة، إذ يعطّل انتقال الإشارات العصبية بين الدماغ والعضلات، مما يجعل الحركة غير دقيقة ومتأخرة. كما يؤثر على المخيخ، المسؤول عن التوازن والسيطرة على الحركة، فتظهر حركات غير متزنة ورجفة بسيطة وفقدان للدقة. ويؤدي كذلك إلى ضعف التفاعل بين العين واليد، حيث يجد السائق صعوبة في ترجمة ما يراه إلى حركة مباشرة، مثل تدوير المقود أو الضغط على الفرامل في الوقت المناسب. ومع بطء الجهاز العصبي، تتأخر استجابة العضلات، حتى لو أدرك السائق الخطر، إضافة إلى فقدان التوازن الجسدي الذي قد يظهر في الوقوف أو المشي، مما ينعكس مباشرة على قدرته في الحفاظ على مسار السيارة بشكل مستقيم وآمن.

ويؤثر الكحول أيضًا بشكل سلبي على البصر من خلال تشويش الرؤية، وخفض حدة الإبصار، وضعف الرؤية الليلية، ما يزيد من صعوبة تقدير المسافات والسرعات. خاصة في الحالات التي تتطلب اتخاذ قرارات سريعة كالسياقة على الطرق الرطبة أو الزلقة

ومع ارتفاع نسبة الكحول في الدم إلى حوالي 0.5 غ/ل، تظهر تأثيرات خطيرة بوضوح مثل ضعف الحكم على المواقف واتخاذ قرارات متهورة، بينما عند 0.8 غ/ل يتضاعف خطر وقوع حادث مميت عشر مرات بسبب فقدان التوازن وضعف التحكم في المركبة. ولا يقتصر هذا التأثير على السائق فقط، بل يمتد ليهدد جميع مستعملي الطريق، وخاصة الراجلين والفئات عديمة الحماية الذين يصبحون أكثر عرضة للإصابة. كما أن السائقين تحت تأثير الكحول غالبًا ما يظهرون سلوكًا متهورًا أو عدوانيًا نتيجة ضعف السيطرة والإدراك يشمل الانحراف عن المسار، والسرعة غير الملائمة، والتجاوز الخطير، وعدم القدرة على التعامل مع المواقف المفاجئة، خاصة أثناء الليل.

. وقد أظهرت دراسة ميدانية أن السائقين الذين تناولوا الكحول معرضون للإصابات الشديدة بنسبة تفوق 2.8 مرة مقارنةً بالسائقين الذين لم يتعاطوا الكحول، مما يؤكد خطورة هذا السلوك وضرورة تجنبه حفاظًا على السلامة الطرقية.

ما السبيل للحد من السياقة تحت تأثير الكحول؟

تتطلّب الوقاية من حوادث السياقة تحت تأثير الكحول مزيجًا من التوعية المجتمعية، والتدابير العملية، والتطبيق الصارم للإجراءات القانونية.

وتُظهر الدراسات أن الحملات الإعلامية المستمرة التي تبرز المخاطر الفعلية للسياقة بعد استهلاك الكحول تساهم في رفع وعي السائقين وتغيير سلوكهم، كما تعزز ثقافة « صفر كحول أثناء السياقة » باعتبارها الخيار الأكثر أمانًا.

ويظل المبدأ الأساسي للحد من هذه الأخطار هو الامتناع التام عن القيادة بعد تناول الكحول. ويمكن تقليل المخاطر من خلال التخطيط المسبق، وتعيين سائق معيّن غير متأثر بالكحول، أو اعتماد خدمات النقل العمومي أو الخاص، إضافة إلى منع أي شخص مخمور من القيادة وتوفير بدائل آمنة له.

هذه التدابير تقلل بشكل ملموس من احتمال وقوع حوادث مميتة أو إصابات خطيرة، وتساعد على حماية جميع مستعملي الطريق، بما في ذلك الراجلين وراكبي الدراجات.

على صعيد آخر، أثبتت الدراسات أن تطبيق قوانين صارمة، مثل فرض غرامات مالية وسحب رخصة السياقة مؤقتا أو دائما، يساهم في تقليل تكرار المخالفات ويخفض عدد الوفيات المرتبطة بالكحول.

وفي المغرب، فإن العقوبة القانونية للسياقة تحت تأثير الكحول هي الحبس من 6 أشهر إلى سنة وغرامة تصل إلى 10000 درهم مع سحب رخصة السياقة.

ومما لا شك فيه، أن السياقة تحت تأثير الكحول تهدد حياة السائقين ومختلف مستعملي الطريق، لذا لا بد من إدراك المخاطر المرتبطة بهذا السلوك، والالتزام بالقوانين والإجراءات الوقائية من أجل حماية الأرواح والحفاظ على سلامة الجميع على الطريق.