Press ESC to close

أسبوع الأمم المتحدة العالمي الثامن للسلامة الطرقية: الراجلون وراكبي الدراجات الهوائية

في ظل الارتفاع المقلق في عدد ضحايا حوادث السير على الصعيد العالمي، يكتسي أسبوع الأمم المتحدة العالمي الثامن للسلامة الطرقية، المنظم هذه السنة من 12 إلى 18 ماي 2025، أهمية خاصة باعتباره محطة توعوية بارزة تسلط الضوء على واحدة من أكثر القضايا إلحاحاً في مجال الصحة العامة والتنمية المستدامة.

هذا الأسبوع يعد فرصة حقيقية لإعادة طرح أسئلة جوهرية حول أسباب استمرار نزيف الطرقات، وفعالية السياسات المعتمدة، ومستوى وعي الأفراد والمجتمعات بمخاطر الطريق، كما يشكل دعوة مفتوحة للتأمل، والمراجعة، واتخاذ مواقف واضحة وحازمة للحد من هذه المأساة اليومية.

وقد انصب التركيز هذا العام على فئتين من أكثر مستعملي الطريق الأكثر عرضة للمخاطر الراجلون وراكبو الدراجات الهوائية باعتبارهم من الفئات عديمة الحماية، واللذان يتقاسمان الشوارع مع المركبات الأخرى، غالبا دون حماية كافية.

ويعتبر هذا الأسبوع العالمي فرصة عملية لتسليط الضوء على واقع مؤلم وعلى حلول واقعية يمكن أن تنقذ الأرواح وتحدث فارقا ملموسا على الطرقات.

واقع صادم وأرقام مقلقة

تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن إصابات حوادث السير تعد من أبرز أسباب الوفاة والعجز على مستوى العالم، مع تسجيل ما يقرب من 1.2 مليون وفاة سنويا، إضافة إلى 50 مليون إصابة، كثير منها يترك آثارا جسدية ونفسية دائمة.

لكن اللافت في هذه الأرقام أن أكثر من ربع الضحايا هم من الراجلين وراكبي الدراجات؛ وهم فئة لا تُساهم في الازدحام أو التلوث، بل تمثل نموذجا للتنقل الصحي والواعي بيئيا.

أما على المستوى القاري، فالوضع في إفريقيا يعد أكثر حدة، حيث تسجل حوالي 25% من قتلى حوادث السير على مستوى العالم، وتشكل وفيات الراجلين وراكبي الدراجات نحو 35% من إجمالي الضحايا، في حين تصل نسبة وفيات الراجلين وحدهم إلى 31% وهي الأعلى عالميا.

وعلى المستوى الوطني، فيبلغ عدد القتلى في صفوف الراجلين 24,7% حسب إحصائيات سنة 2024، فيما راكبو الدراجات الهوائيون يشكلون 5,8%.

انخراط نارسا في الأسبوع الأممي

من هذا المنطلق، تنخرط الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية في فعاليات أسبوع الأمم المتحدة العالمي الثامن للسلامة الطرقية، عبر برنامج وطني متكامل من الأنشطة التوعوية والتحسيسية، التي تهدف إلى إشراك مختلف فئات مستعملي الطريق في مجهود جماعي من أجل طرق أكثر أمانا، مع تركيز خاص على فئة الراجلين وراكبي الدراجات الهوائية، بوصفهم من الفئات عديمة الحماية.

وفي هذا الإطار، تقوم الوكالة، بتنسيق وتعاون مع عدد من الشركاء المؤسساتيين وفعاليات المجتمع المدني، بتنظيم سلسلة من الحملات الميدانية والورشات التفاعلية بمختلف جهات المملكة، تقام في الفضاءات العامة وتستهدف التوعية المباشرة، إلى جانب مبادرات تواصلية تمتد إلى المؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام، والمنصات الرقمية، سعيا للوصول إلى أوسع شريحة ممكنة من المواطنين.

وتروم هذه الأنشطة، في جوهرها، إلى ترسيخ ثقافة مرورية جديدة قوامها احترام مستعملي الطريق، وخصوصا الفئات عديمة الحماية، من خلال التعريف بحقوقهم، وتوضيح سبل حمايتهم، والعمل على تعزيز السلوكيات الإيجابية لدى كافة الفاعلين في المجال الطرقي، سواء كانوا سائقين، راجلين، أو راكبي دراجات.

كما تمثل هذه المشاركة فرصة متجددة لتسليط الضوء على التحديات الوطنية المرتبطة بواقع السلامة الطرقية، وتجديد التأكيد على التزام المغرب الثابت بالمضي قدما في تنفيذ السياسات العمومية الهادفة إلى الحد من آفة حوادث السير، ضمن رؤية شمولية تضع حياة الإنسان وسلامته في صلب أولوياتها.