
تعد السلامة الميكانيكية للمركبات أحد الأعمدة الأساسية في منظومة السلامة الطرقية، إذ إن أي خلل في أحد مكونات السيارة قد يتحول في لحظة إلى خطر يهدد حياة السائق والركاب ومستعملي الطريق كافة.
فإلى جانب العوامل البشرية كالإرهاق أو السرعة، تظل الأعطال الميكانيكية من الأسباب الخفية التي تقف وراء عدد من الحوادث الخطيرة، خصوصا عندما يهمل السائق الصيانة الدورية لمركبته أو يستعمل قطع غيار غير مطابقة للمعايير المعتمدة.
الأسباب الميكانيكية وراء الحوادث وخطورتها
تتنوع الأسباب الميكانيكية المؤدية إلى الحوادث، وتتدرج من أعطال بسيطة إلى خلل خطير قد يؤدي إلى فقدان السيطرة الكاملة على المركبة.
ويعد نظام الفرامل من أكثر الأنظمة حساسية في السيارة، إذ إن أي ضعف أو تسرب في ضغط الزيت كفيل بأن يجعل التوقف المفاجئ أمرا مستحيلا، خصوصا عند النزول في المنحدرات أو أثناء الحالات الطارئة.
كذلك، تعتبر الإطارات من العناصر الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على توازن المركبة وثباتها، فكلما كانت متآكلة أو غير مناسبة لطبيعة الطريق، زاد خطر الانفجار أو الانزلاق، خاصة في الظروف الجوية الصعبة.
ولا تقل خطورة الأعطال في نظام التحكم وثبات المركبة أهمية عن غيرها، لأنها تضعف قدرة السائق على التحكم في الاتجاه وتزيد من احتمالات الانقلاب أو الاصطدام.
كما أن الأعطال الكهربائية أو الخلل في الإضاءة والإشارات يمكن أن يؤدي إلى سوء التواصل البصري بين السائقين، فيفقد مستعملو الطريق القدرة على توقع حركات بعضهم البعض.
أما تسرب الوقود أو الزيوت، فقد يتحول إلى مصدر خطر كبير داخل السيارة، إذ يمكن أن يتسبب في احتراقها أو توقفها المفاجئ وسط الطريق، مما يخلق وضعيات خطيرة قد تودي بحياة السائقين والركاب على حد سواء.
هذه الأسباب الميكانيكية، وإن بدت أحيانا بسيطة أو ثانوية، إلا أنها تشكل مجتمعة أحد العوامل الأساسية في ارتفاع نسب الحوادث، خصوصا عندما يقترن الخلل التقني بالإهمال البشري وغياب المراقبة الدورية.
طرق الوقاية والممارسات السليمة
إن الوقاية من الحوادث الناتجة عن الأخطاء الميكانيكية لا تتطلب بالضرورة مجهودات استثنائية، بقدر ما تحتاج إلى التزام وانضباط في الممارسات اليومية.
وتعتبر المراقبة التقنية الدورية أحد أهم الإجراءات التي تضمن سلامة المركبة، إذ تسمح بالكشف المبكر عن الأعطال قبل أن تتفاقم وتتحول إلى خطر حقيقي على الطريق؛ غير أن فعاليتها تظل رهينة بتعامل السائق معها بجدية، لا باعتباره مجرد إجراء شكلي.
ومن جهة أخرى، فإن المراقبة الذاتية للمركبة من طرف السائق تشكل خطوة مكملة لا غنى عنها، خاصة قبل القيام بالسفر لمسافات طويلة، حيث أن التأكد من ضغط الإطارات، ومستوى الزيت، وحالة الفرامل، والإضاءة، والسوائل الأساسية داخل المحرك، له دور كبير في ضمان السير الآمن.
ولا يمكن إغفال دور الميكانيكي المؤهل في هذا الجانب، إذ يفترض أن تكون عمليات الصيانة والإصلاح بين يديه، بعيدا عن محاولات الإصلاح العشوائية التي قد تحدث أعطالا أكبر مما تصلحه.
كذلك، من الضروري أن يكتسب السائقون، خصوصا المهنيين منهم، ثقافة ميكانيكية أساسية تمكنهم من التعرف على المؤشرات التحذيرية التي تظهر على لوحة القيادة والتفاعل معها بسرعة قبل تفاقم الخلل.
